عندما سُؤل السيد المسيح " لماذا أوصي موسي أن يُعطي كتاب طلاق فتطلق "(مت 19 ) أجابهم " من أجل قساوة قلوبكم أذن لكم موسي أن تطلقوا نساءكم . ( مت 19 : 8 ) بمعني أن الله لم يتغير عندما منع السيد المسيح الطلاق ... ولكنه أعلمنا أن السبب هو قساوة قلب الإنسان ... بينما في العهد الجديد تم تجديد طبيعة الإنسان .
إن لم تختلف وصايا العهد الجديد ، إذاً ما هو التغير وما هو الخلاص وما هي فائدة المعمودية ؟ والكتاب يقول " لأن كلكم الذين أعتمدتم بالمسيح قد لبستم المسيح " ( غل 3 : 27 ) ويقول أيضاً " إن كان أحد في المسيح فهو خليقة جديدة" ( 2كو 5 : 17 ) وما دامت خليقة جديدة إذاً تحتاج لوصايا جديدة .
إذاً الله لم يتغير ، ولكن من الممكن قبل إتمام الفداء ، وقبل أن تصير أولاد الله بالمعمودية ، هل كان من الممكن أن نعطي وصية " أحبوا أعداءكم " (مت 5 : 44) عملياً هذا مستحيل لأن " المولود من الجسد جسد هو ، و المولود من الروح هوروح " (يو 3 : 6) وقال المسيح لنيقوديموس " إن كان أحد لا يولد من الماء و الروح لا يقدر أن يدخل ملكوت الله (يو 3 : 5 ) إذاً المولود من فوق ، المولود من الروح يحتاج وصايا جديدة غير العتيقة لأن بالفداء ينال الإنسان المؤمن بالمسيح الولادة الجديدة بواسطة الماء و الروح وبذلك يكون مؤهلاً بالنعمة وبالطبيعة لوصايا العهد الجديد
- الإنسان في العهد القديم : لم يكن ممكناً أن يطالب الله الإنسان في العهد القديم بمحبة الأعداء ، ولكنه أعطاه وصية تناسبه " تحب قربيك وتبغض عدوك " (مت 5 : 43 ). وفي العهد القديم لم يمنع الله مطلقاً موضوع تعدد الزوجات ولكنه وضع ضوابط ، فقال " لا تشته إمرأة قربيك " (خر2 :17) .. كذلك بسبب عدم إمكانية حياة البتولية .. مثلما حدث في العهد الجديد بمعرفة النعمة التي سكنت في الإنسان .. مثلما قال الرب يسوع " يوجد خصيان خصوا أنفسهم لأجل ملكوت السموات .... من إستطاع أن يقبل فليقبل" (مت 19 : 12) وأصبح في العهد الجديد هناك إمكانية البتولية ... في العهد القديم من الصعب أن يعطيهم الله وصية البتولية ، ولكن من الممكن أن يطالبهم بعدم الزنا " لا تزن " (خر 20 : 14) وعدم إشتهاء إمرأة قريب ... ولكن في العهد الجديد ، وبسبب النعمة الساكنه في الإنسان ، حتي لو إستحالت الحياة بين زوجين بسبب الخلافات و إضطرا للإبتعاد عن بعضهما ، فليجاهد كا منهما ليعيش البتولية ويحفظ نفسه طاهراً .
- إذاً طريق الطهارة والملكوت بلا زواج ثاني هو أحد الحلول لمواجهة المشاكل الزوجية الصعبة .
طبيعة جديدة لإنسان العهد الجديد :-
- قال السيد المسيح " لا تقاوموا الشر ، بل من لطمك على خدك الأيمن فحول له الآخر أيضاً "(مت 5 : 39) .. فالصليب هو علامة الفداء وليس علامة العداء .. لذلك فالإنسان الجديد مدعو للسلام " طوبى لصانعي السلام ".
- الله في العهد القديم كان يساند شعبه في الحروب طالما هم يحافظون على وصاياه ، وكان يتركهم لتأديب الشعوب لو بعدوا عنه .. أما في في العهد الجديد فهو المدافع عنا .. وأعطانا كلمته التي هي " أمضى من كل سيف ذي حدين " وقال لنا " ها أنا أرسلكم كغنم وسط ذئاب . كونوا حكماء كالحيات وبسطاء كالحمام " (مت 10 : 16) إذاً هو يطلب منا حكمة وليس حرباً ولا عنفاً .
- إذاً الله لم يتغير ، فهو يكره الخطية ولكنه لا يلزم الإنسان بوصايا الكمال قبل أن يعطيه النعمة والولادة الجديدة وسكنى الروح القدس ... إذاً لو كانت وصايا العهد القديم هي نفسها وصايا العهد الجديد ، إذاً ما قيمة تجسد الله والفداء والنعمة ...؟!
هل الله لإسرائيل فقط أم لجميع الأمم ؟
- وهذا سؤال آخر لمن يعتقدون أن الله تغير . ليس فقط في وصاياه ، ولكن أيضاً في مفهومه الرعوي !! هل كان الله لإسرائيل فقط في العهد القديم ، ثم صار لكل الأرض في العهد الجديد ؟
- نقول لهم أن الله هو " ملك الأرض كلها " .. في العهد القديم هو ملك الأرض كلها ، لكنه خص شعب إسرائيل برعاية خاصة ليحفظوا خميرة الإيمان لشعوب الأرض .. الإيمان والوصية والشرائع إلى أن يأتي الله المتجسد من نسلهم ولكن هذا لا يعني أن الله لإسرائيل فقط .. ففي العهد القديم كان الله يتعامل مع الأمم ويقبلهم إذا آمنوا بمعنى إختيار الله ليس حسب العرق أو الدم ولكنه حسب الإيمان .. ونجد أن إبراهيم نفسه أب الآباء أخذ البركة من ملكي صادق ملك ساليم (تك 14) وهو ليس من نسل إبراهيم ولا من إسرائيل .
وإذا تأملنا مز 46( آخر مزامير الساعة الثالثة ) " لأن الرب عال ومرهوب . ملك كبير على كافة الأرض " ثم يكمل ويقول " رتلوا لإلهنا رتلوا . رتلوا لملكنا ، لأن الرب هو ملك الأرض كلها " (مز 46 : 2 ، 6 ، 7).
- إذا الله هو ملك الأرض كلها .. متى تم هذا ؟ تم على الصليب ، لذلك نقول في قطع الساعة السادسة " صنعت خلاصاً في وسط الأرض كلها ... فلهذا كل الأمم تصرخ قائلة : المجد لك يا رب ".
- يقول داود في نفس المزمور" رتلوا بفهم فإن الرب ملك على جميع الأمم ، الله جلس على كرسيه المقدس"(مز7:46،
هنا يتكلم عن الله الإبن المتجسد ، لأن هذا المزمور يتكلم عن الصعود " صعد الله بتهليل ، والرب بصوت البوق "
- إذاً هذا المزمور لا يُفهم إلا على الله المتجسد الذي صعد جسدياً .. لأن اللاهوت لا يصعد ... وينتهي المزمور بـ " رؤساء الشعوب اجتمعوا مع إله إبراهيم " ( مز 46 : 9 ) ... إذاً الله هو ملك الأرض كلها من البداية ولكن فهمهم كان ضيقاً ومحدوداً والدليل أنهم فشلوا في فهم هذه الآيات ... فالله لكل الأمم ولكل الشعوب وليس لإسرائيل فقط .
السيد المسيح جاء ليصلح فكرهم القاصر هذا ، ففي تعامله مع قائد المئة قال " لم أجد ولا في إسرائيل إيماناً بمقدار هذا " (مت8 : 10) وقال أيضاً " لي خراف أخر ليست من هذه الحظيرة ينبغي أن آتي بتلك أيضاً ، فتسمع صوتي وتكون رعية واحدة لراعٍ واحد " (يو 10 : 16) .. هنا يتكلم عن كنيسة الأمم أنها من رعيته .
أهل نينوى :- لم يكونوا من شعب إسرائيل ، ومع ذلك غفر الله لهم خطاياهم حينما تابوا .. وكذلك ركاب السفينة لم يكونوا من شعب إسرائيل ومع ذلك قبل الله ذبائحهم .
يونان نفسه – بفكره اليهودي – حينما أمره الله أن ينادي على أهل نينوى بالتوبة ، هرب إلى ترشيش ، لأنه كان لا يريد أن الله يتعامل أو يصطلح مع الأمم .. ولكن الله أعطاه دروساً ( بالحوت وباليقطينة ) لأن الله هنا يصلح فكر يونان الضيق الذي يحاول أن يحصر الله في إسرائيل فقط .. وأنهى الله السفر بعد أن أشفق على نينوى وأسماها العظيمة ، ورحم شعبها .. لأنه ملك الأرض كلها .
أيضاً ملكي صادق لم يكن من نسل إبراهيم ، ولكنه بارك إبراهيم ، وكان ملك ساليم ( أورشليم ) ، أي ملك السلام ورمز للسيد المسيح ، وكان كاهن الله العلي ، وقدم تقدمة من الخبز والخمر ( إشارة لذبيحة المسيح ) وإبراهيم قدم له العشور ، وهو بارك إبراهيم .. (تك 14) كل هذه دلائل تشير إلى أن الله له رعية خارج إطار إبراهيم ، ولكن اليهود فهموا محبة ربنا لهم أنه لهم وحدهم ، وهذا خطأ .
المجوس :- أتوا من بلاد فارس وسجدوا للمسيح وقدموا هدايا ، لم يكونوا من نسل إبراهيم .. ولكن الله قبلهم وقبل إيمانهم وقبل هداياهم ... الله كلمهم بالطريقة التي يفهموها – وهي النجوم والفلك – لأنه هو ملك الأرض كلها ، وله رعية ليست من حظيرة إسرائيل ... حظيرته تشمل العالم كله .
المرأة الكنعانية :- كانت أممية وكانت تصرخ " ارحمني يا سيد يا ابن داود ، ابنتي مجنونة جداً " ( مت 15 : 22 ) وتضايق منها التلاميذ ، لأنهم يهود ويستكثرون على هذه الأممية أن تتكلم مع الرب يسوع .. ولكن السيد المسيح تدرج معها ... حتى قال لها " يا إمرأة عظيم إيمانك . ليكن لكي كما تريدين ، فشُفيت ابنتها من تلك الساعة " ( مت 15 : 27 ، 28 ) .. لقد مدح الله إيمانها لأنه اقترن بالإنسحاق ، بينما إيمان اليهود مقترن بالتعالي ، وأنهم أحسن من غيرهم ..
+ وأيضاً معمودية كرنيليوس الأممي ، والتي بسببها خاصم البعض القديس بطرس إلى أن شرح لهم الأمر والرؤيا وأخيراً اقتنعوا وقالوا " إذ أعطى الله الأمم أيضاً التوبة للحياة " ( أع 11 : 18 ) وبدأوا يقبلون فكرة الأمم ويتنازلون عن الإنحصار في دائرة شعب الله المختار .
الهجوم على العهد القديم :-
- بدأ في ألمانيا ، بسبب العداء المستحكم بين الجنس الآري ( الألماني ) والسامية ... وتدرج الهجوم ، من هجوم على اليهود وعلى مسلكهم وسلبياتهم ، إلى الهجوم على العهد القديم أهم مقدساتهم .وحدث هجوم أيضاً هنا في مصر .. كتاب وصف في مقدمة شريعة العهد القديم { إذا كانت شريعة العهد القديم هي شريعة الغاب ، فهل يمكن أن تكون وحياً إلهياً ؟! } والكتاب يستنفر فينا الروح الوطنية ويقول {كيف نوافق على فكرة إبادة الله لفرعون ومركباته ... لابد أن نكون وطنيين منتمين لمصر !! }.
+ طبعاً هذا الهجوم هو نوع من خلط الأمور ، ومحاولة إدخال القومية في الدين لأسباب سياسية .. فرعون أيامها وجيشه كانوا وثنيين ، وكان يمنع شعب إسرائيل من عبادة الله ، إذ صرخ الشعب لفرعون ليطلقهم إلى البرية ليعبدوا الله .... نحن نحب مصر ونعتز بمصر التي باركها الرب يسوع بقدومه إليها ، وباركها في العهد القديم حينما قال " مبارك شعبي مصر" ( إش 19 : 25 ) .
+ نحن ضد التعصب اليهودي الذي يحاول حصر الله في شعب واحد فقط وكل البركات وكل الوعود التي قيلت لإسرائيل هي ميراث المؤمنين بالمسيح"جاء إلى خاصته وخاصته لم تقبله"حينما رفضوا المسيح رُفضوا وسقطوا وخسروا كل المواعيد ،وصارت المواعيد ملكاً للكنيسة ،إسرائيل الجديد لأنها أساساً الوعود روحية أبدية سمائية فيقول الرب في سفر الرؤيا " ها أنا أصنع كل شئ جديداً وقال لي أكتب فإن هذه الأقوال صادقة وأمينة " (رؤ21: 5)
العقوبات :- يقول أصحاب نظرية إله العهد القديم وإله العهد الجديد ، أن إله العهد الجديد إله حنون ، وإله العهد القديم إله قاسي!!. نحن نرفض هذه الفكرة ، فالله هو واحد وطبيعته لا تتغير" هو هو أمس واليوم وإلى الأبد "فكما هناك عقوبات في العهد القديم،نجد عقوبات أيضاً في العهد الجديد.. يكفينا قصة"حنانيا وسفيرة"(أع 5 : 1 – 12 ) ويقول القديس بولس" من خالف ناموس موسى ، فعلى شاهدين أو ثلاثة شهود يموت بدون رأفة . فكم عقاباً أشر تظنون أن يُحسب مستحقاً من داس ابن الله وحسب دم العهد الذي قُدس به دنساً وأزدرى بروح النعمة "(عب 10 : 28 ، 29) . كما أنه في العهد القديم نجد الله الحنون على شعب نينوى .. والله الحنون مع راحاب الزانية .
+ الذي تغير ليس هو الله ، انما طبيعة الإنسان ونضجه ( مثل أب يعلم ابنه ، وهو طفل يعلمه بطريقة وهو كبير يعلمه بطريقة ، ... يعاقبه بطريقة ... ولكن هو هو الأب ، وهو هو الابن ... ولكن الفرق في النضج وفي السن )
مثل الحنطة والزوان :- في هذا المثل عندما طلبوا من السيد أن يسمح لهم بقلع الزوان " قال لا .. لئلا تقلعوا الحنطة مع الزوان وأنتم تجمعونه . دعوهما ينميان معاً إلى الحصاد . وفي وقت الحصاد أقول للحصادين اجمعوا أولاً الزوان وأحزموه حزماً ليُحرق ... أما الحنطة فاجمعوها إلى مخزني " (مت13 : 29 ،30) هذه هي طريقة الله في العهد الجديد ان يعطي فرصة للإنسان الناضج الذي بداخله الروح القدس ليبكته . يعطيه فرصه للتوبة . بينما في العهد القديم لم يكن في داخله الروح القدس ليبكته .. وكان يتمادى أكثر وأكثر في خطيته ولذلك كان من المناسب أن يكون العقاب أسرع .
إله العهدين إله واحد :- إله العهد القديم هو إله العهد الجديد " هو هو أمس واليوم وإلى الأبد " لكن الإنسان هو الذي تغير وظروفه وطبيعته تغيرت ولكن الله في كل زمان وفي كل مكان يكره الخطية وهو " نار آكله "(عب29:12) ويحذرنا القديس بطرس"وإن كنتم تدعون أباً الذي يحكم بغير محاباه حسب عمل كل واحد فسيروا زمان غربتكم بخوفٍ"(1بط 1 :17).
السيد المسيح يشهد للعهد القديم :-
- فقال عن داود " قال داود بالروح : قال الرب لربي أجلس عن يميني " ( مت 22 : 44 ) وقال عن موسى " لأنكم لو كنتم تصدقون موسى لكنتم تصدقونني لأنه هو كتب عني " ( يو 5 : 46 ) وقال " لابد أن يتم جميع ما هو مكتوب عني في ناموس موسى والأنبياء والمزامير " ( لو 24 : 44 ) قال هذا في كلامه وفي شرحه للعهد القديم لتلميذي عمواس . وقال " ما جئت لأنقض بل لأكمل " ( مت 5 : 17 ) وقال أيضاً " إلى أن تزول السماء والأرض ، لا يزول حرف واحد أو نقطة واحدة من الناموس حتى يكون الكل " ( مت 5 : 18 ).