منتدى شباب ابو سيفين بسمسطا
عزيزى الزائر يستوجب عليك التسجيل حتى تتمكن من تصفح المنتدى
منتدى شباب ابو سيفين بسمسطا
عزيزى الزائر يستوجب عليك التسجيل حتى تتمكن من تصفح المنتدى
منتدى شباب ابو سيفين بسمسطا
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى شباب ابو سيفين بسمسطا

منتدى دينى مسيحى
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 تفسير سفر نشيد الأنشاد الاصحاح الثانى

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Admin
Admin
Admin


عدد المساهمات : 252
تاريخ التسجيل : 06/11/2009
العمر : 37

تفسير سفر نشيد الأنشاد الاصحاح الثانى  Empty
مُساهمةموضوع: تفسير سفر نشيد الأنشاد الاصحاح الثانى    تفسير سفر نشيد الأنشاد الاصحاح الثانى  Emptyالجمعة سبتمبر 10, 2010 2:39 pm

المسيا الحبيب


إن كانت النفس قد تحدثت مع قريباتها عن السيد المسيح كعريس لها، تمدح حبه وتسترسل في وصفه، ثم عادت فتلاقت مع خطيبها الراعي الصالح، وتعرفت عليه كملك يُقيمها ملكة تجلس معه، الآن تنزل معه الحديقة بعيدًا عن كل تكلف أو رسميات يتناجيان معًا في حديث عذب.
أنه يقول لها: إن كان العالم قد جذبك بكل مغرياته، فطلبتيّ ملذاته ومباهجه، فإنيّ أنزل إليك في العالم، وأكون في الأودية بين يديك لتتعرفين عليّ:
"أَنَا نَرْجِسُ شَارُونَ، سَوْسَنَةُ الأَوْدِيَةِ" [١].
شارون سهل في اليهودية، منطقة خصبة جدًا والمياه فيها متوفرة، لكنها لم تُزرع إذ هي مكان ضيق كان يستخدم كطريق بين مصر وسوريا. نرجس هذا السهل من نوع ممتاز، يظهر دون أن يزرعه أحد من البشر أو يتعب فيه. هكذا يظهر حبيبنا في أرضنا، جاء إلينا بنعمته، وليس لبرٍّ فينا.
وفي وسط الأودية القاحلة يظهر الرب كسوسنة، يصفها القديس غريغوريوس أسقف نيصص أنها تصعد مستقيمة إلى أعلى، زهرتها في القمة بعيدة عن الأرض... هكذا جاء الرب إلى أوديتنا القاحلة حتى يرفعنا به إلى فوق ويكون لنا الزهرة السماوية.
جاءت هذه العبارة في الترجمة السبعينية هكذا: "أنا زهرة الحقل (السهل)، سوسنة الأودية". ويعلق العلامة أوريجانوس هكذا[62]: [الحقل هو قطعة الأرض التي تحت الفلاحة، يحرثها الفلاحون، أما الأودية فغالبًا ما تكون أراضي محجرة لم يسبق فلاحتها. هكذا يمكننا أن نفهم بالحقل أو السهل الشعب الذي فلحه الناموس والأنبياء، وبالأودية المحجرة غير المحروثة الشعوب الأممية... هكذا يظهر العريس كالزهرة بين ذاك الشعب، لأن الناموس لم يدخل بأحد إلى الكمال (عب ٧: ١٩)، إذ لم تستطع كلمة الله (في العهد القديم) أن تتقدم بهم ليكونوا زهرة ولا بلغت بهم إلى كمال الثمرة. وفي الأودية التي
هي جماعة الأمم صار هو السوسنة].
السيد المسيح هو زهرة الشعب اليهودي، فقد قاد الناموس إلى المسيح، وهو سوسنة الشعوب الأممية إذ قبلته مخلصًا... أنه مسيح العالم كله: اليهود والأمم.
ويرى القديس چيروم أن زهرة الحقل أو سوسنة البرية (الأودية) إنما هي شخص المسيا الذي نبت في عصا هرون، الزهرة التي نبتت في القديسة مريم، التي وإن كانت في ذاتها لا تحمل حياة لكنها حملت "الحياة" ذاته[63].
يقول أيضًا: [القول بأنه جاء من (البرية)[64] يُشير إلى البتول التي قدمت لنا الله في شكل دون وجود علاقة جسدية أو زرع بشري... فنرنم بكلمات المزمور: "كما في أرض ناشفة ويابسة بلا ماء أظهر لك في القدس" (مز ٦٣: ١-٢)].
ويقول القديس أمبروسيوس[65]: [مريم هي العصا، والمسيح هو زهرة مريم التي تنتشر رائحة الإيمان به الذكية في العالم كله، إذ يظهر كبرعم في الأحشاء البتولي، إذ قال عن نفسه: "أنا زهرة السهل أو سوسنة الأودية" [١].
إذ تُقطف الزهرة تحتفظ برائحتها، وإذ تُسحق يزداد عبيرها، وإن قطعت إربًا لا تفقد رائحتها. هكذا أيضًا إذ علق الرب يسوع على الصليب لم يفشل حين سُحق، ولا ضعف حين مُزق، وإذ طُعن بالحربة صار أكثر جمالاً بالدم المنسكب منه، وكأنه قد حمل جمالاً جديدًا لا يقدر أن يموت في ذاته (موتًا روحيًا) إنما يهب الأموات عطية الحياة الأبدية. وقد أستقر الروح القدس على هذه الزهرة التي أفرخت في العصا الملوكية].
هذا هو حبيبنا بالنسبة لنا نحن عروسه، لقد حمل بآلامه الرائحة الذكية، يشتَمّها الذين في السهل أي اليهود والذين في الوادي أي جماعة الأمم... أما نحن فماذا بالنسبة له؟
"كَالسَّوْسَنَةِ بَيْنَ الشَّوْكِ، كَذَلِكَ حَبِيبَتِي بَيْنَ الْبَنَاتِ" [٢].
يقول العلامة أوريجانوس[66]: [إذ صار هو سوسنة الأودية إنما لكي تصير حبيبته أيضًا سوسنة تتمثل به... بمعنى أن كل نفس تقترب إليه وتتبع خطواته وتتمثل به تصير سوسنة].
ويرى القديس غريغوريوس أسقف نيصص أن النفس كالسوسنة تصعد مستقيمة إلى فوق نحو المسيا كرّامها الحقيقي. إنه يرتفع بها فوق هموم هذه الحياة وأشواك الخطية الخانقة للنفس (مز ٤: ١٨)، ويعلو فوق أتربة هذه الحياة لكي لا تتدنس...
المؤمن في عيني الرب كالسوسنة "الزنبقة" بهية للغاية، ولا سليمان في كل مجده يلبس مثلها، جميلة لا ببرّها الذاتي، بل بنعمة الدم الذي يجري فيها...
إن كان الإنسان قد قبل أشواك الخطية، فأحاطت به من كل جانب، إلاَّ أن الرب يراه كالسوسنة، ينزل إليه ويجتاز وسط الشوك، ويحمل اللعنة عنه!.
في مناجاة الحبيب: "كَالسَّوْسَنَةِ بَيْنَ الشَّوْكِ" توجيه لها أيضًا أنها إن أرادت أن تتجمل بالفضائل يلزمها أن تتحمل آلام الشوك بحذر، وكما يقول القديس أمبروسيوس[67]: [تُحاط الفضائل بأشواك الشر الروحي، حتى أنه لا يقدر أحد أن يجمع الثمر ما لم يقترب بحذر].
ويرى العلامة أوريجانوس في هذا القول صورة صادقة للكنيسة الجميلة وقد أحاطت بها الهرطقات والهراطقة يريدون إبادتها...
ويرى القديس أغسطينوس[68] في هذه العبارة وما يماثلها إعلانًا عن قلة الصالحين الذين يعيشون وسط العالم "كالسوسنة بين أشواك كثيرة" حتى يأتي يوم الحصاد ويفرز السوسن عن الأشواك.
تفسير سفر نشيد الأنشاد الاصحاح الثانى  Divider-3

الحاجة إلى الحبيب:

إن كانت النفس البشرية قد صارت كسوسنة بين الأشواك، لكنها لا تنشغل بالأشواك المحيطة بها، إنما بالعريس الذي يشبعها ويرويها ويهبها رائحة... إنها تراه قادمًا إليها، مقتربًا نحوها حتى تقترب إليه، يرتفع على الصليب حتى تستريح بظل محبته الأبدية، ويقدم لها ثمر الصليب حلاوة في حلقها، لهذا تُناجيه، قائلة:
"كَالتُّفَّاحِ بَيْنَ شَجَرِ الْوَعْرِ، كَذَلِكَ حَبِيبِي بَيْنَ الْبَنِينَ،
تَحْتَ ظِلِّهِ أشْتَهَيْتُ أَنْ أَجْلِسَ،
وَثَمَرَتُهُ حُلْوَةٌ في حَلْقِي" [٣].
إن كانت تعيش وسط الأشواك ولا تقدر أن ترتفع إليه، فهو ينزل إليها، يصير كشجرة التفاح (رمز التجسد الإلهي) بين يديها. لقد حلّ بيننا نحن الوعر بلا ثمر، وصار كواحد منا، لكن ليس بلا ثمر مثلنا، بل كشجرة التفاح: جميلة المنظر، رائحتها منعشة، يؤكل ثمرها، ويُشرب عصيره... إنه شجرة الحياة التي نقتطفها عوض شجرة معرفة الخير والشر.
حقًا، لقد جفت الأرض زمانًا هذا مقداره، لأننا أكلنا من شجرة العصيان، وجاء الحبيب "الابن المطيع"... جاءنا وسط أشواكنا، ودخل إلى آلامنا، وحمل لعنة الشوك عنا، حتى نجلس عند قدميه ونستظل بصليب محبته وسط شدة ضيق هذا العالم.
في العالم أشجار وعر كثيرة نُخالها مريحة لنا، لكن شجرة واحدة – هي شجرة التفاح الروحي – فيها كل الشبع.
إن كانت "شجرة التفاح" تُشير إلى التجسد الإلهي، فإن شجر الوعر يُشير إلى الهرطقات والتعاليم الغريبة، فإنه لا راحة لنا إلاَّ في الكلمة المتجسد وحده، بعيدًا عن كل هرطقة. في هذا يقول العلامة أوريجانوس[69]: [تشتهي العروس أن تجلس تحت ظل شجرة التفاح هذه، بمعنى أن الكنيسة كما قلنا تكون تحت حماية ابن الله، أو أن النفس تهرب من كل التعاليم الغريبة لتلتصق بكلمة الله وحده فتجد ثمرته حلوة في حلقها، خلال التأمل المستمر في ناموس الله، تمضغه وكأنها تجتره كما يفعل الحيوان الطاهر].
في القديم جلس الأمم تحت ظل الموت (إش ٩: ٢؛ مت ٤: ١٦) إذ جلسوا تحت ظل شجرة العصيان، أما الآن فيتمتعون بظل واهب الحياة بجلوسهم تحت ظل صليب الطاعة.
في القديم جلس اليهود تحت ظل الناموس، خلال الفهم الحرفي القاتل. إما الآن فقد وهب لنا أن ندخل تحت ظل المسيح بتذوقنا الفهم الروحي للناموس الذي يبني. وفيما يلي مقارنة للعلامة أوريجانوس بين ظل الناموس وظل المسيح:
[يبدو أن كل نفس ما دامت في هذه الحياة الحاضرة تحتاج إلى ظل، وذلك كما أظن بسبب حرارة الشمس التي تجعل البذار بلا جذور عميقة تذبل وتموت. لقد قدم ظل الناموس القليل من الحماية ضد هذه الحرارة، أما ظل المسيح الذي يعيش تحته الأمم الآن – أي الإيمان بالتجسد – فيُقدم حماية كاملة من الحرارة بل ويطفئها. فقد شوهد (الشيطان) الذي أعتاد أن يحرق المساكين الذين كانوا تحت ظل الناموس ساقطًا من السماء كالبرق وقت آلام المسيح. لكن زمان هذا الظل يكمل في نهاية الدهور، لأنه كما قلنا أنه في نهاية الزمان لا نعود نرى (المسيح) في مرآة ولا في لغز، بل وجهًا لوجه[70]].
القديسة مريم وهي تمثل الكنيسة، كعضو أمثل فيها، جلست تحت ظل العليّ خلال التجسد الإلهي، كقول الملاك لها: "قوة العليّ تظللك، والمولود منك قدوس يُدعى ابن الله..." بهذا صار للمؤمن أن يجلس تحت ظل الرب ويأكل ثمرته الحلوة بعد أن تمرر فمه زمانًا هذا مقداره بسبب الخطية. بعد أن قيل عن نفسه "فمها قبرًا مفتوحًا" (مز ٥: ١١) صارت تفتح فمها لا كقبر يحمل موت الخطية بل بالحري تأكل جسد ابن الله واهب الحياة، وتتذوق حلاوة ثمرته... تقول أيضًا "فتحت فمي واجتذبت ليّ روحًا" (مز ١١٨: ١٣١).
يقول العلامة أوريجانوس[71]: [إن قولها "وَثَمَرَتُهُ حُلْوَةٌ لِحَلْقِي" ينطبق على النفس التي لا يوجد في فمها شيء ميت أو دنيء، ولا تتشبه مطلقًا بالذين قيل عنهم (حلقهم قبر مفتوح) فإن مثل هذه الأفواه التي تخرج كلمات الموت والهلاك تسمى قبورًا، هذه التي تنطق بكلمات مضادة للإيمان الحقيقي، وتُعارض تدبير الطهارة والعدل والوقار].
تفسير سفر نشيد الأنشاد الاصحاح الثانى  Divider-3

في بيت المحبة الكاملة:

إذ تجلس النفس مع حبيبها عند الصليب، وتتذوق حبه اللانهائي، تطلب منه الدخول إلى أحشائه لترتوي من ينابيع حبه العميقة، قائلة:
"أَدْخَلَنِي إِلَى بَيْتِ الْخَمْرِ،
عَلَمُهُ فَوْقِي مَحَبَّةٌ،
أَسْنِدُونِي بِأَقْرَاصِ الزَّبِيبِ،
أَنْعِشُونِي بِالتُّفَّاحِ،
فَإِنِّي مَجروّحة حُبّاً" [٤-٥].
سبق أن رأينا "بيت الخمر" هو بيت "الحياة الجديدة"[72] التي صارت لنا خلال آلام السيد المسيح الخلاصية. ويرمز بيت الخمر إلى "بيت الوليمة والحكمة"، حيث تدخل النفس إلى السيد المسيح وتنال عصير تعاليم الحق ومزيجها في أناء الحكمة الإلهية، تنتعش به النفس جديدًا كل يوم... إذ تتعرف على أسرار الله كأنها جديدة كل يوم.
في هذا يقول العلامة أوريجانوس[73]: [أما الخمر الذي يستخرج من الكرمة الحقيقية "السيد المسيح" فهو جديد على الدوام، به يتجدد فهم المتعلمين للمعرفة الروحية والحكمة على الدوام لهذا السبب قال يسوع لتلاميذه: سأشرب هذا الخمر معكم جديدًا في ملكوت أبي (مت ٢٦: ٢٩)، لأن فهم الخفيات وإعلان الأسرار يتجدد على الدوام خلال حكمة الله، وذلك ليس فقط بالنسبة للبشر، بل أيضًا بالنسبة للملائكة والقوات السمائية].
إذ يدخل الرب المحب بالنفس المؤمنة إلى بيت محبته ويكشف لها أسرار حكمته الجديدة كل يوم، تتفهم "المحبة" كعلامة نصرة حبيبها وملكها فتُقيم "علم النصرة" فوقها، قائلة: "َعَلَمُهُ فَوْقِي مَحَبَّةٌ". لقد ملك عليها بالحب تمامًا. إلاَّ أن الترجمة السبعينية لهذا العبارة جاءت هكذا:
"ضع في تدبير المحبة" [٤].
إذ تدخل النفس بيت حبيبها تلتزم بقانون بيته ألا وهو "المحبة"، لكنها إذ لا تقدر أن تطبقه بذاتها تسأله أن يقوم بنفسه بتدبير حياة الحب فيها أي تتسلم من الله "الحب الحقيقي" قانون محبته، فتعرف كيف تحب الله والوالدين والأخوة... الخ.
الحب له تدبيره الخاص، فالإنسان يلتزم أن يحب الله من كل القلب ومن كل النفس ومن كل القدرة... أي يحب بغير حساب وبلا حدود. ويلتزم الإنسان أن يحب قريبه كنفسه (لخلاصها) وحبه لأخيه يكون محبته قد فقدت تدبيرها الحسن. يلتزم الإنسان أن يحب الوالدين خلال تكريمه لهما في الرب عمليًا، كما يلتزم الزوج بحب زوجته بطريقة تختلف عن حب الأبناء للوالدين، وغير حب الرعاة لشعبهم. حقًا في "بيت الحب" تنال طبيعة الحب الواحدة من مصدرها "الله نفسه" لكننا نلتزم أن نتعرف أيضًا على قانون الحب العملي[74].
تعود النفس تصرخ معلنة حاجتها إلى "المحبة" قائلة:
"أَسْنِدُونِي بِأَقْرَاصِ الزَّبِيبِ (الأطياب)[75]،
أَنْعِشُونِي بِالتُّفَّاحِ،
فَإِنِّي مجروحة ٌحُبّاً" [٥].
إذ دخلت النفس "بيت المحبة الإلهية" وتسلمت من الله تدبير الحب، تعلن أنها قد صارت مجروحة حبًا يستحيل أن تكون هذه الجراحات خاصة بحب جسداني، فأنه حسب التقاليد الشرقية لا يليق بالمحبوبة أن تقول أنها مجروحة حبًا بل للرجل وحده. هذا ومن جهة أخرى كيف تطلب المحبوبة من آخرين – غير حبيبها – أن يسندوها أو ينعشوها؟! هل يمكن لأقراص الزبيب أو الأطياب أو التفاح أن تضمد جراحات الحب أو تشفي مرضه؟
إنها صرخات النفس داخل الكنيسة "بيت المحبة"، إذ تطلب من خدام المسيح أن يسندوها بأقراص الزبيب أو الأطياب التي هي التعاليم الإلهية المعزية التي تسكب حب المسيح في الداخل، وتفيح رائحته الذكية. إنها تطلب التفاح الذي هو رمز للجسد المقدس، فهو سرّ انتعاشها الروحي! إذ هو وحده يقدر أن يشبع القلب حبًا، ويهب النفس تدبير حب حسن ولائق.
أما سرّ جراحات النفس بالحب، فكما يقول العلامة أوريجانوس[76] هو المسيح نفسه، الذي هو كلمة الله الحيّ الفعّال، الأمضى من سيف ذي حدين، يدخل إلى أعماق النفس ويجرحها بالحب الإلهي وفيما يلي بعض تعليقات للآباء على هذه العبارة.
* ليت غير الأصحاء يجرحون، فأنهم إذ يجرحون كما يليق يصيرون أصحاء!
القديس أغسطينوس[77]
* </SPAN>[size=21]يعلمنا الكتاب المقدس أن الله محبة (١ يو ٤: ٨)، فقد صوب ابنه الوحيد "السهم المختار" (إش ٤٩: ٢) نحو المختارين، غارسًا قمته المثلثة في روح الحياة.
رأس السهم هو الإيمان، الذي يربط ضارب السهم بالمضروبين به، وكأن النفس ترتفع بمصاعد إلهية، فترى في داخلها سهم الحب الحلو يجرحها. متجملة بالجروح...
إنه جرح حسن وألم عذب، به تخترق "الحياة" النفس. إذ بواسطة دموع "السهم" تفتح النفس الباب الذي هو مدخلها...
القديس غريغوريوس أسقف نيصص[78]
* </SPAN>[size=21]إن التهب أحد ما في أي وقت بالحب الصادق لكلمة الله، أن تقبل أحد الجراحات الحلوة لهذا "السهم المختار" كما يسميه النبي، إن كان قد جُرح أحد برمح معرفته المستحقة كل حب حتى أنه يحن ويشتاق إليه ليلاً ونهارًا، فلا يقدر أن يتحدث إلاَّ عنه، ولا ينصت إلاَّ إليه، ولا يفكر إلاَّ فيه، ولا يميل إلى أي رغبة أو يترجى سواه، متى صار الأمر هكذا تقول النفس بحق: "أنيّ مجروحة حبًا". إنها تتقبل جرحها من ذاك الذي تقول عنه: "جعلني سهمًا مختارًا، وفي جعبته يخفيني" (إش ٤٩: ٢).
يليق بالله أن يضرب نفوسنا بجرح كهذا، يجرحها بمثل هذه السهام والرماح، يضربها بمثل هذه الجراحات الشافية...
ما دام الله "محبة"، فإنهم يقولون عن أنفسهم: "أنيّ مجروحة حبًا". أحقًا أنها دراما الحب إذ تقول النفس: أنيّ تقبلت جراحات الحب!
النفس التي تلتهب بالشوق نحو حكمة الله، أي التي تقدر أن تنظر جمال حكمته، تقول بنفس الطريقة: "أنيّ مجروحة بالحكمة". والنفس التي تتأمل سمو قدرته، وتدهش بقوة كلمته، يمكنها القول: "أنيّ مجروحة بالقدرة". أظن أن مثل هذه النفس هي بعينها التي قالت: "الرب نوري وخلاصي ممن أخاف، الرب حصن حياتي ممن أجزع؟!" (مز ٢٦). والنفس التي تلتهب بحب عدالة الله وتتأمل عدل تدابير عنايته تقول بحق: "أنيّ مجروحة بالعدل". والنفس التي تتطلع إلى عظمة صلاحه وحنو محبته تنطق أيضًا بنفس الطريقة. أما الجرح الذي يشمل هذه الأمور جميعها فهو جرح الحب الذي به تعلن العروس: "أنيّ مجروحة حبًا".
العلامة أوريجانوس[79]
هذه هي جراحات الحب التي جُرحت بها النفس بواسطة "السهم المختار"، السيد المسيح، الذي بمحبته يضع شماله تحت رؤوسنا حتى يوجهها بعيدًا عن الزمنيات، قاطعًا فينا كل محبة للأرضيات وبيمينه يجتذبنا نحو السمويات، لهذا تُناجيه النفس هكذا:
"شِمَالُهُ تَحْتَ رَأْسِي وَيَمِينُهُ تُعَانِقُنِي" [٦].
بمعنى آخر، بشماله يؤدب، فتصغر أمامنا الحياة الزمنية وكل ملذات الجسد والعالم، وبيمينه يترفق إذ يفتح القلب أمام السمويات فتشتهيها. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات و التفاسير الأخرى). على أي الأحوال، يضع الرب تأديباته تحت رؤوسنا، إذ بدونها لا تكون رؤوسنا متزنة، ويحوط رؤوسنا بيمينه حتى تمتلئ قلوبنًا رجاءً فيه! هذه هي جراحات الحب الإلهية الصادقة الشافية.
إذ دخلت النفس إلى بيت المحبة الإلهية، وجرحت بالسهم الشافي، تتلمس محبته اللانهائية سواء في تأديباته أو حنوه، وتشعر خلال الأمرين (التأديب والحنو) كأن رأسها متكئة على شماله ومحوطة بيمينه، بهذا يصير كيانها كله في أحضانه الإلهية أما وجهها فيصير قبالة وجهه، تتقبل كل قبلات فمه الإلهية... لهذا فهي تحرص ألا يقطع أحد هذه الشركات العميقة، إذ تقول:
"أُحَلِّفُكُنَّ يَا بَنَاتِ أُورُشَلِيمَ بِالظِّبَاءِ وَبِأَيَائِلِ (قوى) الْحُقُولِ أَلاَّ تُيَقِّظْنَ وَلاَ تُنَبِّهْنَ الْحَبِيبَ حَتَّى يَشَاءَ..." [٧].
كأنها قد حملت مشاعر الرسول بطرس حين أنسحبت أعماقه بالكامل نحو السيد المسيح المتجلي أمامه، فقال: "يا رب جيد أن نكون ههنا" (مت ١٧: ٤).
بالتأكيد، هذه العبارة لا يمكن أن تنطبق على الحب الجسداني، إذ كيف تطلب الحبيبة من صديقاتها ألا ييقظن الحبيب؟! وهل هذا هو عملهن؟! لكنها صورة رائعة للكنيسة الأم التي تطلب من أبنائها "بنات أورشليم" أن يبقين في الأحضان الإلهية، ولا يزعجن الرب المستريح في قلوبهم بارتكابهن شرًا أو خطية! أنه صوت الكنيسة الأم تجاه كل نفس مؤمنة تدعى "ابنة أورشليم" تتطلع إلى أورشليم السمائية كأم لها، تحلفها بقوى حقلها الداخلي الذي باركه الرب! (تك ٢٧: ٢٧)، إذ هي فلاحة الرب (١ كو ٣: ٩) أن تبقى محتضنة الحب الإلهي الساكن فيها[80].
ولعله أيضًا صوت الكنيسة الموجه إلى جماعة اليهود "بنات أورشليم" التي رأت المسيا نائمًا على الصليب، مدفونًا في القبر ألاَّ تضطرب من هذا فتنكر الإيمان به، فإنه وإن ظهر كما في ضعف لكنه يقوم متى شاء، في اليوم الثالث. لقد نام على الصليب بإرادته، ويقوم أيضًا بإرادته، إذ يقول:
"ليّ سلطان أن أضعها وليّ سلطان أن آخذها"، لكن بكل أسف رفض اليهود قبول السيد المسيح المصلوب منتظرين مسيحًا حسب أهواء قلوبهم.
تفسير سفر نشيد الأنشاد الاصحاح الثانى  Divider-3
[/size][/size]
الخاطب يطلب خطيبته

1. ينزل إليها بنفسه.
2. يحذرها من الواشين.
3. وليمة العرس.
تفسير سفر نشيد الأنشاد الاصحاح الثانى  Divider-3

1


ينزل إليها بنفسه

"صَوْتُ حَبِيبِي (ابن أختي)، هُوَذَا آتٍ ظَافِراً عَلَى الْجِبَالِ،
قَافِزاً عَلَى التِّلاَلِ،
حَبِيبِي (ابن أختي) شَبِيهٌ بِالظَّبْيِ أَوْ بِصغيرِ الآيل،
هُوَذَا وَاقِفٌ وَرَاءَ حَائِطِنَا،
يَتَطَلَّعُ مِنَ الْكُوى،
يبرق خلال الشَّبَابِيكِ" [٨-٩].
تتحدث كنيسة الأمم مع الشعب اليهودي في عتاب لطيف، فتقول لهم: لقد تعرفت على "كلمة الله" أو صوت الحبيب، الذي جاء متجسدًا خلال اليهود (ابن أختي)، عرفته خلال جبال الشريعة التي تسلمتموها وتلال النبوات التي بين أيديكم. لقد جاءني ظافرًا بفرح وسرور خلال الشريعة والنبوات، لكن في ملء الزمان جاءني بنفسه كالظبي حاملاً طبيعتنا، مختفيًا وراءها – واقفًا وراء حائطنا – يتحدث معنا مباشرة.
لقد تقبلت رسالة تجسده خلال كوى الشريعة وشبابيك الأنبياء... لقد عرفت صوته وأمكنني أن أميزه (يو ١٠: ٣-٤).
في هذا يقول القديس غريغوريوس أسقف نيصص: [لقد بلغ بهاء (الكلمة) إلى الكنيسة عن طريق الأنبياء أولاً. أخيرًا بإعلان الإنجيل زالت ظلال الرموز بتمامها وانهدم الحائط الحاجز، واتصل جو البيت الداخلي بنور أعالي السموات، لم تعد هناك حاجة لنور الشبابيك ما دام النور الحقيقي قد أضاء كل الداخل بأشعة الإنجيل].

لقاء على الجبال:

إن كانت الكنيسة قد تعرفت على كلمة الله المتجسد خلال شريعة العهد القديم والنبوات، فقد جاء الحديث هنا بمثابة دعوة موجهه لكل نفس لكي ترتفع بالروح القدس على جبال الكتاب المقدس لتلتقي هناك بالخطيب القادم يخطب مخطوبته. لهذا يقول المرتل: "أساساته في الجبال المقدسة"، "رفعت عيني إلى الجبال من حيث يأتي عونيّ" (مز ٨٦: ١؛ ١٢٠: ١).
ويرى العلامة أوريجانوس أن النفس التي تُريد الالتقاء مع "كلمة الله" الظافر على الجبال القافز على التلال في كمال الحرية يلزمها أن تلتقي به على جبال أسفار العهد الجديد الحالقة وفوق تلال أسفار العهد القديم التي بقيت زمانًا طويلاً مختفية وغير مدركة.
في سفر إرميا نجد الرب يُرسل قانصين وصيادين ليقتنصوا البشر على كل جبل وفوق كل تل (إر ١٦: ١٦)، وكأنها نبوة عن العمل الكرازي الذي للكنيسة، حيث تصطاد الكنيسة النفوس خلال الكتاب المقدس لتتمتع ببركات الخلاص.
على هذه الجبال المقدسة تلتقي النفوس بكلمة الله، فتراه الخاطب الذي يطلب يدها. هناك تسمع صوت دعوته لها فتختبر حبه وتتكشف أسراره الإلهية وتعاين مجده.
كأن النفس ترتفع مع موسى النبي على جبل حوريب فترى العليقة المتقدة نارًا ولا تحترق (خر ٣: ٢)، تدرك سرّ التجسد الإلهي، إذ ترى العذراء مريم (العليقة) وقد حملت جمر اللاهوت ولم تحترق...
أقول أنها تصعد أيضًا مع موسى على الجبل لتتسلم الشريعة الإلهية ليست منقوشة على لوحين من الحجارة، بل يسكن كلمة الله نفسه في قلبها!.
أو كأنها تجلس مع الجموع لترى يسوعها صاعدًا على الجبل، يفتح فاه ويتحدث معها مباشرة وبلا حواجز (مت ٥: ١)، أو ترتفع معه على جبل تابور ليتجلى أمامها وتدرك بهاء لاهوته وتسمعه يتحدث مع موسى وإيليا عن الأمور الخاصة بأحداث خلاصها. أو كأنها تتسلق مع "كلمة الله" على جبل التجربة، لتراه يُجرب ويغلب من أجلها!
بهذا تفهم النفس المؤمنة لماذا دعى السيد المسيح نفسه بالحجر المقطوع من جبل بغير يد، وقد صار جبلاً عظيمًا (دا ٢: ٤٣)، ولماذا دُعيت الكنيسة أيضًا جبل صهيون إشارة إلى سكنى الله الساكن في الأعالي مع شعبه. إنها تنصت لقول الملاكين للوط: "أهرب بحياتك... أهرب إلى الجبل لئلا تهلك" (تك ١٩: ١٧).
تفسير سفر نشيد الأنشاد الاصحاح الثانى  Divider-3
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shabababosefeen.yoo7.com
 
تفسير سفر نشيد الأنشاد الاصحاح الثانى
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» تفسير سفر نشيد الأنشاد الاصحاح الثانى
» تفسير سفر نشيد الأنشاد الاصحاح الاول ج1
» تفسير سفر نشيد الأنشاد الاصحاح الثالث
» تفسير سفر نشيد الأنشاد الاصحاح الرابع
» تفسير سفر نشيد الأنشاد الاصحاح الخامس

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى شباب ابو سيفين بسمسطا :: قسم الكتاب المقدس :: دراسة الكتاب المقدس-
انتقل الى: